تتميز الطبيعة البشرية بتنوعها فكل مجتمع أو بيئة تفرض على الإنسان سلوكيات تحدد شخصيته من خلال تعامله مع الآخرين بطريقة متفردة تميزه عن غيره ضمن نفس المواقف أو الظروف.
فالعوامل النفسية على سبيل المثال تترك أثراً بالغاً على طبيعة وسلوكيات الفرد وتحدد طريقة تعامله مع ما حوله من أحداث ويظهر ذلك من خلال طريقة استجابته لما حوله من أحداث.
ومن منا لا يرغب بأن يتمتع بالشخصية القوية التي تمكنه من اتخاذ قرارات إيجابية في حياته. وتكون نابعة من خبرته في التعامل مع كافة الظروف المحيطة به بحكمة ووعي وبعد نظر.
سنركز في مقال اليوم على أهم العوامل التي تسهم بتمتع الفرد بصفة الشخصية القوية التي تخوله التمتع بحياة مستقرة وناجحة على كافة الصعد.
صفات ومقومات الشخصية القوية
هناك العديد من الأمور أو المواصفات الواجب توفرها في شخص معين لنقول عنه أنه صاحب شخصية قوية ما يلي:
تقدير الذات:
من أهم العوامل التي يجب أن يتمتع بها الشخص هو احترامه لذاته من خلال اتخاذ قرارات وتصرفات تنسجم مع شخصيته المتفردة. بعيداً عن التقليد الأعمى للآخرين وهذا بالطبع ينبع من كون الشخص متصالح مع ذاته فهو لا يحتاج للتملق ولإرضاء الآخرين على حساب قناعاته ومبادئه.ويتمتع بالتصرف بعفوية وتلقائية تجعله مقرب من الآخرين.
ضبط الذات:
وهو ما يتجلى من خلال القدرة على التحكم بردات الفعل تجاه ما يحدث حوله من أحداث، وبطريقة تعكس طريقة تفكيره بوعي ورجاحة عقل بعيداً عن الإنفعالات المتسرعة والخاطئة.
فبناء الشخصية القوية يحتم على الشخص أن يكون حازماً في طريقة تعامله مع كافة التطورات من حوله بعيداً عن الغضب أو الكلام المسيء لمن حوله.
روح التحدي والإصرار:
وهي من أبرز العوامل التي تسهم ببناء شخصية قوية ومؤثرة، فالشخص المصر على التميز والنجاح سيكون قادر على التعامل مع العقبات التي تواجهه بطريقة ذكية وعملية، بحيث لا تترك أثر سلبي على تحقيق أهدافه التي يسعى إليها وبدون خوف و قلق.
الشعور بالمسؤولية:
من أكثر الصفحات التي تسهم ببناء صفة الشخصية القوية لصاحبها هي القدرة على تحمل مسؤولية القرارات والتصرفات بشتى الظروف، وهو ما يعطي انطباع للآخرين بكون الشخص جدير بالثقة من خلال إدراكه لنتائج ما يقدم عليه وقدرته على مواجهة كافة العواقب الناجمة عن تصرفاته وقراراته بكل هدوء وحكمة.
التفاؤل:
فالشخص المتفائل سيكون بالطبع له أثر إيجابي أينما حل وفي أي مجلس، على عكس الأشخاص المتشائمين الذين يتركون أثر وطاقة سلبية على من حولهم على الدوام، فالشخصية القوية تتمتع بالإيجابية والتفاؤل بالمستقبل رغم ما يحيط بها من أحداث وعوامل أو مشاكل.
تقبل الرأي الآخر:
فالشخص القادر على تقبل آراء الآخرين هو بالطبع شخص ناضج يعلم أن آراء الآخرين به لن تؤثر على نظرته لذاته ويحترم كل وجهات النظر حوله. مع السعي لكونه إيجابياً مع الجميع على حد سواء.من خلال إظهار الاحترام لحديث الآخرين والتعاطف معهم وإسداء نصائح تسهم بكسب ثقتهم وتقديرهم واحترامهم أيضاً.
الثقافة العامة:
فالشخص الراغب ببناء شخصية قوية لابد له من الاطلاع على ما حوله من ثقافات وأحداث، وأن يتمتع بالحد الأدنى من المعارف والمدارك والتي تترك انطباع لدى الآخرين عن مدى خبرته في الحياة بشكل عام وبشتى المجالات.وهو ما يجعله بالطبع أكثر تأثيراً فيمن حوله.
التعلم من الأخطاء:
كل شخص معرض للوقوع في الخطأ ولكن صاحب الشخصية القوية هو من يعرف كيف يتعامل مع أخطائه وهفواته ويحولها لنقطة إيجابية من خلال تجنب تكرارها مستقبلاً.ومعالجتها بوقت قياسي أيضاً، ومعاودة المحاولة مراراً وتكراراً دون يأس أو إحباط.
قائمة الأهداف:
الشخص المتمتع بشخصية قوية هو من يضع لنفسه خطة عمل وأهداف يسعى للوصول إليها من خلال تخطيط منظم مع إيمانه بقدرته على تحقيق ما يصبو إليه. وذلك بغض النظر عن العقبات والمعوقات التي قد تعترض طريقه. ومهما كانت هذه الأهداف صغيرة أم كبيرة فإن تحقيقها سيزيد من ثقة الشخص بنفسه وبقدراته وهذا ما يكسبه دافع للسير قدماً.
الابتعاد عن الغرور:
فكل شخص يرغب بأن يحظى بشخصية قوية عليه أن يتمتع بالتواضع الذي يجعله مقرب من الآخرين وقادر على بناء علاقات ودية معهم يسودها الاحترام والتعاون ، لأن التكبر لا ينم إلا عن شخصية مهزوزة ترى نفسها أفضل من الغير وهو ما يجعلها منبوذة وغير جديرة بالثقة من قبل الآخرين.
روح التعاون والمشاركة:
وهي قدرة الشخص على مشاركة الآخرين أفكاره وأعماله للاستفادة من خبراتهم وتطويرها بطريق إيجابية وأكثر فاعلية، وبذلك سيتمكن من تخطي مراحل المحاولات الفاشلة التي تؤخر من حصد النتائج المطلوبة وبالوقت المتوقع لها.
المظهر اللائق :
عادة ما تنعكس ثقافة الشخص وقناعاته من خلال مظهره الخارجي، فالشخص المؤثر سيهتم حتماُ بطريقه ظهوره أمام الآخرين بطريقة أنيقة تعكس ذوقه العام في الملبس، والذي من الواجب أن يتمتع بالرزانة والترتيب بعيداً عن المبالغة في الظهور.
الإيمان :
وهو من أهم مقومات الشخصية القوية التي تعتمد بصدق على التوكل على الله تعالى في كل التعاملات مع الأحداث التي تحيط بها، فالإيمان يعطي الشخص الطمأنينة النفسية والرضى بأن العمل الطيب لا بد أن يأتي بثمار رائعة وحتى إن طال الزمن.
العقلانية:
يعبر مصطلح العقلانية عن كون الشخص يفكر بطريقة منطقية يحكم بها عقله في التعامل مع مجريات الأحداث من حوله، على عكس الشخصية العاطفية التي تتأثر بالمشاعر وتتعامل مع المواقف على أسس بعيدة عن المنطق.
فصاحب الشخصية القوية هو شخص حازم لا يقبل المساومة بأي موقف، بل يتصرف بمنطقية ووعي وهو ما يجعله محط ثقة لمن حوله، للرجوع إليه في اتخاذ القرارات المصيرية.
إيجابيات الشخصية القوية
يسعى الجميع لامتلاك الشخصية القوية كونها تصبح مؤثرة وقادرة على اتخاذ أدوار قيادية قادرة على إقناع الآخرين بأفكار إبداعية تسهم بتطوير المجتمع من خلال رفده بأفراد منتجين وناجحين على المدى الطويل.
فصاحب الشخصية القوية هو شخص ناجح على جميع الصعد من خلال فهمه لذاته وقدراته وأسلوب تعامله مع ما حوله بطريقة ذكية وديناميكية تسهم بتحقيق غاياته بكل سهولة.
فالنجاح حتماً لن يكون حليف الأشخاص الاتكاليين الذين يعتبرون الحظ هو وراء تميز ونجاح الآخرين، ولا أولئك الذين يعتبرون الظروف ذريعة لكونهم فاشلين في حياتهم أو المستسلمين لما حولهم من عوامل وظروف والراضين بالهزيمة.
فصاحب الشخصية القوية هو شخص قادر على إدارة الوقت بما يحقق تنفيذ الأهداف بوقتها المحدد من خلال مواجهة الصعاب بكل حكمة وصبر. وتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة.
عادة ما يخلط الناس بين الشخصية القوية والشخص المغرور الذي يتجنبون التعامل والتواصل معه بسبب النظرة الفوقية التي يشعر بها تجاه من حوله.على عكس الشخص الواثق بنفسه الذي يتعامل بود وبصدق حتى مع من يخالفونه الآراء والمعتقدات.
والآن ومن خلال ما سبق ذكره يمكنك التطوير من ذاتك وصقل شخصيتك بأفكار إيجابية تجعلك تتمتع بقوة مؤثرة تعكس علاقتك مع الآخرين من خلال التعامل الراقي والمحترم فلا نجاح للفرد بعيد عن الآخرين.
وأفضل ما قال سقراط :الشخصية القوية لا يعني أبداً التلفظ بالألفاظ السيئة، فالقوة حكمة وليست وقاحة.
اقرأ أيضاً:-أركان تطوير الذات وأثر الثقة بالنفس على إدارة الذات